Latest News

غالبون مغلوبون في الانتخابات الرئاسية الروسية



غالبون مغلوبون في الانتخابات الرئاسية الروسية
RIA NOVOSTI
غالبون مغلوبون في الانتخابات الرئاسية الروسية
تناولت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" في مقالتها الافتتاحية الكلمة التي ألقاها فلاديمير بوتين في ساحة "مانيج" في الرابع من الشهر الجاري، مشيرة إلى أن ذلك الخطاب أظهر مدى التوتر النفسي الذي عاشه بوتين خلال حملته الانتخابية، وكشف عن صراع محتدم في داخله بين توجهين متعارضين الأول: يستخدم لغة الوحدة والتضامن والحوار الإجتماعي، وبوتين في هذه الحالة يلعب دور القائد الشعبي، المُعبّرعن مصالح الأمة بأسرها. والثاني: يستخدم لغة القوة. ويتضح ذلك في قوله "لقد انتصرنا اليوم بفضل الدعم الذي حصلنا عليه من الأغلبية الساحقة. لقد حققنا انتصارا نزيها".
يلاحظ المتتبع لخطاب بوتن وجود ازدواجية في التعبير، بالإضافة إلى تلويح منطقي باستخدام القوة المُكتسبة. وبالتالي ما يُقرأ بين السطور، هو اعتماد منطق المواجهة، والصراع بين مختلف الشرائح الاجتماعية. وهذا الانطباع يثير القلق، لأنه ينذر بانقسام المجتمع.
من المعروف أن أولى مهمات الحكومة الديمقراطية هي حماية فئات معينة من المواطنين من التعرض للاضطهاد على يد فئات أُخرى، بغض النظر عن التناسب العددي بين الفئتين. فحيثما تتواجد الأكثرية المنتصرة، تتواجد أقلية مهزومة. إن 64% من المشاركين في الانتخابات هم بالتأكيد أكثرية، ويمكن وصفها بالغالبة بالمفهوم السياسي، ولكن ليس بالمفهوم الإحصائي. لأن هذه النسبة الانتخابية تشكل نسبة 40% من السكان البالغين في روسيا. وفي المقابل فإن الـ 36% الذي يصنفون كمغلوبين في المنظور الانتخابي، أو المعارضة في المنظور السياسي، يمثلون قنبلة موقوتة، مهيئة للانفجار في حال حدوث هزة ما. ويمكن في المستقبل أن يشكلوا خطرا لا يمكن التنبؤ بنتائجه.
إن إزالة فتيل الانفجار ممكنة، إذا شرعت الدولة في تطبيق نهج الاندماج الاجتماعي، والحوار وتقديم تنازلات متبادلة، وتعويضات سياسية.   
من الجدير بالذكر أن التعامل بالحسنى مع الطرف المهزوم هو السبيل الأمثل لتثبيت النفوذ المعنوي للطرف الغالب. وهنا يجدر ببوتين أن يتقن العمل حسب المبدأ القائل: "إذا لم تكن قادرا على إيقاف المَـوْجة، فعليك أن تديرها"، ويجدر ببوتين كذلك، بعد أن نجح في نيل ثقة الأغلبية، أن يسعى لكسب تأييد الأقلية المعارِضة من خلال دراسة مطالبهم. وهذا يعني ترسيخ مفاهيم الديمقراطية والليبرالية في الحياة السياسية، وتفعيل استقلال السلطة القضائية، والتوقف عن استخدام الأساليب الاستبدادية في الإدارة. لقد منح التاريخ لبوتين فرصة ذهبية لتحقيق ذلك كله.
إن الثروة الحقيقية التي تملكها روسيا لا تكمن  في بالنفط أو الغاز أو  غيرهما من الخامات الأخرى، ولا في كميات الكهرباء المتوفرة، ولا في المساحات الشاسعة الصالحة للزراعة، بل في الإنسان. والمشاكل في روسيا لا تتمثل في الفساد، أو الركود الاقتصادي،  أو تدني مستوى المعيشة، بل في تجاهل المتطلبات الأساسية للإنسان، ألا وهي تحقيق الذات، والمشاركة الحقيقية في صنع القرار السياسي.   
Tags: ,

تنويه:

نرجو من مستخدمي الموقع الكرام عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان أو المعتقدات أو المقدسات. ونرجو عدم استخدام خدمة التعليقات في الترويج لأي إعلانات. كما نرجو ألا يتضمن التعليق السباب أو أي ألفاظ تخدش الحياء والذوق العام تجاه أي شخصيات عامة أو غير عامة.

0 التعليقات

Leave a Reply