Latest News

نمو الطلب على اللحوم.. فرصة لتحسين معيشة مئات الآلاف



تقارير
الأحد 4-3-2012
عبد الرحمن قرنفلة
تتراوح نسبة مساهمة مجموعة اللحوم بالمتوسط بين 18-20% من قيمة الإنتاج الزراعي السوري، ما يدل على مساهمتها الكبيرة في قيمة الإنتاج. ويلاحظ زيادة قيمة إنتاج اللحوم بالأسعار الجارية والثابتة في المديين المتوسط والطويل، وبين عامي 1980 و2009 ازداد انتاج اللحوم الحمراء السورية بنسبة 129 % تقريباً لتتجاوز معدل زيادة السكان التي بلغت 113 %، ووفقاً لدراسة جديدة قام بها (الاستشاريون الدوليون للحوم)، على انواع متعددة من اللحوم تم تحديد إجمالي نمو الطلب العالمي على اللحوم بـ 40 مليون طن على مدى السنوات الـ 10 المقبلة، أي ما يعادل زيادة قدرها 14.

- تارة استيراد اغنام البيلا وتذمر المواطن من نكهة لحومها.... وتارة استيراد لحوم الجاموس الهندي المجمدة وتصريف معظمها بطرق اعتمدت غش وخداع المستهلك عبر المطاعم وبعض محال توزيع اللحوم... والآن الأصوات ترتفع لاستيراد اللحوم من الصومال أو السودان أو............؟؟؟ والقائمة مرشحة للزيادة وفق ما يحقق مصالح وغايات المستوردين بغض النظر عن مصلحة المُنتِج المحلي ومصلحة الوطن، علماً أن اتساع نطاق الإتجار بالحيوانات والمواد العلفية يزيد من مخاطر انتقال الأمراض داخل الحدود القطرية وخارجها، ونحن لسنا ضد اي منتج عالمي ولكن لنتفق بداية على ان عملية استيراد أي منتج يمكن انتاجه محلياً وبشكل اقتصادي تعتبر معوقة للإنتاج المحلي ودعماً وتشجيعاً للمُنتِج الأجنبي على حساب المُنتِج المحلي وتبديداً لفرص عمل يمكن تطويرها محلياً، حيث إن الثروة الحيوانية لا توفر اللحوم فقط بل وكذلك منتجات الألبان والصوف والشعر والوبر والجلود والأسمدة العضوية وغير ذلك من السلع التي تدخل في دورات انتاجية وصناعية اخرى خارج القطاع، كما يمكن للتربية الحيوانية ان تتكامل على نحو وثيق مع زراعة المحاصيل ضمن نظم زراعية مختلطة تشكل فيها الحيوانات مستهلكاً لفضلات المحاصيل ومصدراً للأسمدة العضوية.‏
نسبة الاستفادة من مخلفات المعامل الغذائية /20٪/ فقط.. والباقي يهدر‏
تنامي الطلب على اللحوم الحمراء‏
- تستأثر التربية الحيوانية في الوقت الراهن بحوالي 40% من القيمة الإجمالية للإنتاج الحيواني العالمي ويشغل هذا القطاع اكبر مساحة من الأرض مباشرة بصفة (مراعي) وبصورة غير مباشرة عبر انتاج المحاصيل العلفية وغيرها من مواد علف الحيوان، حيث تشغل مساحة المراعي الطبيعية في سورية اكثر من 55% من مساحة القطر. هذا من جهة ومن جهة اخرى فإن عمليات الإستيراد لمنتج جاهز تحتاج الى تمويل بالقطع الأجنبي وسورية لا تمتلك فعلياً أولوية لتخصيص فوائض كبيرة من القطع الأجنبي لتمويل عمليات استيراد مستمرة ومتواصلة من سلعة يمكن انتاجها محلياً، وقبل ان نخوض في متاهات التعابير والمصطلحات الفنية الاقتصادية وتحليلاتها، دعونا نبحث في جوهر مشكلة ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء (لحوم الأغنام والأبقار) والناتج بشكل رئيسي عن زيادة حجم الطلب بفعل زيادة عدد السكان وارتفاع دخل الفرد (حيث ارتفع نصيب الفرد السوري السنوي من الناتج الإجمالي لأكثر من الضعف مابين عامي 2000 و2008، من 1045 دولاراً، إلى 2756 دولاراً، ومن الثابت انه عندما يرتفع دخل الفرد يفضل بصورة عامة انفاق نصيب اكبر من ميزانيته الغذائية للحصول على البروتين الحيواني ويزداد استهلاك اللحوم في النتيجة بصورة أسرع من استهلاك الحاصلات الزراعية) والمزيد من التحول نحو حياة الحضر وتبدل السلوك الغذائي للمواطن، وكذلك تراجع كمية المعروض من المادة.‏
إن حصة اللحوم سوف تتزايد في النظام الغذائي الآدمي حيث شهدت العقود الثلاثة الماضية تغيرات كثيرة في النظم الغذائية الآدمية، فقد تزايدت حصة المنتجات الحيوانية وحدث ارتفاع ضخم داخل قطاع اللحوم في حصة الطيور الداجنة ويحتمل لهذا الاتجاه ان يستمر خلال العقود الثلاثة القادمة، لقد تجاوز نصيب الفرد من الاستهلاك السنوي من اللحوم في الفترة 1997-1999 ضعف ما كان عليه في الفترة 1964-1966 إذ ارتفع من 10.2 كغ الى 25.5 كغ بنسبة 2.8% سنوياً. ويتيح نمو الطلب على المنتجات الحيوانية فرصة تحسين سبل معيشة عدد قوامه مئات الآلاف من فقراء الريف يعتمدون التربية الحيوانية واتاحة المزيد من فرص العمل.‏
معوقات نمو إنتاج اللحوم الحمراء‏
لابد بداية من التأكيد أنه لا يتوفر في البلاد سلالات حيوانية متخصصة بإنتاج اللحوم على غرار ما هو متاح بالعالم، حيث إن سلالات الأغنام العواس المحلية ذائعة الصيت ثلاثية الغرض، أي انها تنتج الحليب والصوف واللحم كما ان سلالات الأبقار الموجودة في القطر سواء المحلية أم المستوردة هي ثنائية الغرض اي انها تنتج الحليب واللحم، بينما تتوفر في العالم سلالات متخصصة بإنتاج اللحم وهذه تتميز بقدرتها على تحويل المواد العلفية الى لحم مكتنز في هيكلها العضلي بكفاءة اعلى من باقي السلالات الحيوانية وتحقق معدلات زيادة وزنية يومية كبيرة.‏
كما أن محدودية الموارد العلفية التقليدية واعتماد طرق التغذية والتعليف البدائية تشكل تحدياً اضافياً لجملة تحديات تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء، حيث تؤكد الدراسات أن عجز الموارد العلفية المحلية يتجاوز ثلاثة ملايين طن من المواد العلفية الجافة سنوياً.‏
البدائل المتاحة:‏
إلا أن البدائل المحلية متاحة وتحتاج الى تفعيل من قبل الجهات الحكومية المختصة عبر اطلاق برنامج وطني يتم تهيئة أسباب وسبل نجاحه، حيث يتاح في القطر اكثر من 12 مليون طن من المخلفات الزراعية سنوياً يتم الاستفادة من جزء ضئيل منها في حين تكون الاستفادة من جزء ضئيل آخر استفادة غير نافعة اقتصادياً بفعل استخدامها في تغذية الحيوان على هيئتها الخام، ويهدر الجزء الأعظم منها، وقد بات من المؤكد أن عجز الموارد الطبيعية يتزايد بتقلبات المناخ وشح المياه والتصحر... وعليه لا بد من الاستفادة من المخلفـات الزراعية والعمل على تحويلها (المواد الخشنة) إلى مواد قابلـة للهضم والامتصاص لدى المجترات، حيث إن جميع المخلفات الخشنة هي مواد سلولوزية عسرة الهضم يمكن تحويلها كيماوياً وميكانيكياً وبيولوجياً إلى مواد سكرية بسيطة يسهل هضمها وامتصاصها، ولابد من الاستفادة من مخلفات المعامل الخاصة بالصناعات الغذائية مثل تفل البندورة وتفل الشوندر وبقايا الخضرا وات مع إلزام هذه المعـامل (من قبل وزارة الصناعة) بتشكيل وحدات خاصـة لمعالجة هـذه المخلفات، حيث إن استهلاكها بالشكل المباشر لا يتعدى 20% والباقي يتم إتلافه في النهاية. والأهم من كل ذلك الإستفادة من نتائج ابحاث مراكز البحوث الزراعية الوطنية التي أكدت امكانية تغطية عجز الموارد العلفية المحلية من خلال تحسين استخدام المخلفات الزراعية في تغذية الحيوان، هذا من جانب ومن جانب آخر يجب تعزيز وتوسيع ونشر نتائج ابحاث انتخاب سلالة من اغنام العواس متخصصة بإنتاج اللحم كان قد طورها برنامج البحوث الوطني بالتعاون مع المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة، ولا سيما أن هناك نوعاً من الانتخاب غير العلمي حدث في هذا الإتجاه من قبل مربي الأغنام السوريين عبر سنين طويلة خلت وجرى التعرف من خلاله على أن الأغنام سوداء الوجه اكثر تخصصاً بإنتاج اللحم من الأغنام شقراء الوجه، ورغم عدم وجود ارتباط علمي بين لون الوجه وتخصص الإنتاج إلا أن مربي الأغنام قاموا خلال زمن طويل بانتخاب الأغنام ذات الوجه الأسود وذات القدرة على انتاج لحم اكثر واخصابها بكباش ايضا سوداء الوجه وذات قدرة عالية على انتاج اللحم، ما خلق قاعدة وراثية مقبولة يمكن الاستناد اليها بعد تدقيق معطياتها علمياً.‏
المستورد يعوق المنتج المحلي‏
إذاً طالما تتوفر المعطيات المنطقية لتنمية الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء فإن التفكير بالتوجه نحو استيراد مزيد من اللحوم سوف يعوق قدرة المنتج المحلي على النمو ويعمق التبعية نحو الخارج ويرفع من احتمالات نقل الأمراض الحيوانية الى البلاد ويهدر امكانية فتح فرص عمل اضافية، فهل نبدأ بالعمل نحو تطوير وتنمية المنتج المحلي وتعزيز مبدأ لنأكل مما ننتج الذي دأب المواطن السوري على ترجمته الى واقع عملي؟.‏
Tags:

تنويه:

نرجو من مستخدمي الموقع الكرام عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان أو المعتقدات أو المقدسات. ونرجو عدم استخدام خدمة التعليقات في الترويج لأي إعلانات. كما نرجو ألا يتضمن التعليق السباب أو أي ألفاظ تخدش الحياء والذوق العام تجاه أي شخصيات عامة أو غير عامة.

0 التعليقات

Leave a Reply